من المسؤول عن هذا ؟؟!!
من المسؤول عن هذا ؟ وحتى لا تتكرر ثانية؟ أسئلة ما زالت تدق دائما على صفحاتنا الإعلامية والاجتماعية بأسلوب الإسفنج الذي يمتص الماء الحار بدون استئذان حتى إذا أمتلئ فانه يفرغ ذلك الماء أيضا بدون استئذان . وكثيرا ما تكرر هذا السؤال في صفحات جرائدنا المحلية وكذلك في المجالس العامة وفي المحاضرات التوعوية وهو من المسؤول عن ظاهرة العبث بالمرافق العامة ؟ فالتكسير والتشويه والخراب أصبحت إحدى السمات الملازمة لهذه الخدمات الجليلة التي تقدمها الحكومة من اجل إراحة المواطن وتوفير له سيل العيش الكريم وكذلك من أجل إضفاء الطابع الجمالي المميز على مختلف الولايات العمانية .
فالمشاهدات العينية المتكررة لهذه الظاهرة السيئة أصبحت تؤرق باب المسؤولين في الجهات الحكومية عن هذه الخدمات ، واصبح كذلك لزام على هذه الجهات العمل على إصلاح هذه الخدمات واستبدالها بالجديد حتى لا تفوح رائحة الكلام التي تسعى إلى تشويه سمعة تلك المؤسسات الحكومية بعدم اهتمامها بمرافقها العامة ، حيث تعمد تلك المؤسسات على دفع الكثير من الأموال الطائلة لعمليات التصليح والاستبدال على حساب الاستفادة من هذه الأموال في مشاريع تجميله أخرى .
والنقطة الجريئة والتي حري بنا أن نناقشها هنا وهي على لسان أحد المثقفين " هل العيب يكمن في هذه الخدمات العامة التي تقدم من حيث عدم المتانة والقوة والأصل في التركيب والصنع ؟ أم العيب في أولئك الذين يعمدون على العبث بتلك المرافق العامة ويكسرونها وكأنهم يستمتعون بهذا الفعل اللاأخلاقي ؟ ، والإجابة على هذا السؤال هو أن الأمرين سيان ويشتركان في كثير من التقاسيم ، فأحيانا نرى أن العيب يكمن في تلك المرافق من حيث عدم الدقة في التركيب والصنع وكذلك من حيث عدم الدقة في تلائم بعض هذه المرافق مع طبيعة الجو وحرارته ، ولكن هذا العيب دائما ما ننظر إليه بنسبة قليلة لانه غالبا ما تكون هناك مراقبة من قبل الجهات المسؤولة عن تلك المرافق. أما العيب الثاني والذي يجب أن يأخذ المنحنى الأكبر ونصيب الأسد في هذه العملية هو الذي يكمن في أولئك الذين يعبثون بهذه المرافق ويتسببون في تكسيرها وتدميرها . فلو نظرنا وتعمقنا في هذه العملية لرأينا أن سوء استخدام هذه المرافق والعبثية في طريقة الاستخدام وعدم تحمل المسؤولية هي من الأسباب الرئيسية التي تقف وراء هذه الظاهرة . فكم من مشاهدات عينية تحز في النفس عندما ترى إحدى الحدائق أو دورات المياه العامة أو مواقف لسيارات الأجرة وهي تحمل عنوان لها وهو الاستغاثة من أولئك الذين يدمرون كل شي فيها حتى انهم لا يكتفون بهذا بل يعمدون على ترك ذكرياتهم الكتابية والرسوميه بالأقلام على جدران هذه المرافق وبصورة بشعة تخرج عن تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وعن عاداتنا وتقاليدنا .
فقبل يومين وفي إحدى الولايات رأيت منظرا بشعا لأولئك العابثين بالمرافق العامة ( من فئة الأطفال ما بين 12- 14 سنة ) وهم يقتلعون أحجار الإنترلوك من على إحدى جوانب الطرق الداخلية لهذه الولاية ، وعند توقفي عندهم وسؤالهم لماذا يفعلون ذلك قالوا لي وبكل برود بأن الشركة التي نفذت هذا العمل لم تتقنه بل عملته من اجل تمشية الحال والسرعة في إنجاز عملها حتى تتسلم كافة التزاماتها المالية المتفق عليها حتى إنها كانت تنفذ هذا المشروع أثناء الليل وعلى المصابيح المحمولة باليد وبعضها المثبت على خشب . والغريبة في هذا الأمر أن هولاء الأطفال كانوا يستمتعون في اقتلاع تلك الأحجار وصفها على شكل طوابق وأشكال هندسية . وبعد مجادلتي معهم في الكلام اقتنع هؤلاء الأطفال وقاموا بإعادة تلك الأحجار إلى مكانها . ولكن ما أدهشني في هذا انه عندما نزلت من السيارة لاستوضح وأتيقن من كلام الأطفال تأكدت بالفعل أن هذا العمل غير متقن وفي بعض الأماكن مرتفع والأخرى منخفض وان هذا العمل من اجل تمشية الحال والسرعة في الإنجاز واستلام الأموال .
وهنا تأكدت بأن الأمر مشترك في هذه الظاهرة السيئة بين الشركات المنفذة لهذه المرافق العامة وبين أيدي العابثين بتلك المرافق . وهنا نوجه ندائنا إلى تلك المؤسسات الحكومية والخاصة المسؤولة عن تنفيذ هذه المشاريع بأن تكثف من رقابتها المستمرة على هذه المشاريع وأساليب تنفيذها وان تفرض رقابة قوية وعقوبات صارمة على تلك المؤسسات الخاصة التي تنفذ هذه المشاريع في حالة عدم التزامها بدقة التنفيذ وذلك حتى لا تتكبد الحكومة الأموال الطائلة لاعادة الصيانة والاستبدال فحري بأن يستفاد من تلك الأموال في تنفيذ مشاريع تجميليه أخرى . كما نوجه نداءنا إلى تلك الأيدي العابثة بالمرافق العامة إلى الشعور بالإحساس والمسؤولية العامة تجاه هذه المرافق لأنها جزء من عنوان حضارتنا وجزء من تراثنا الثقافي ، وان الحفاظ عليها يعني الحفاظ على عماننا الحبيبة ، كما نوجه نداءنا إلى الأسر والمدارس في زيادة التوعية الذاتية لدى الأطفال بأهمية الحفاظ على هذه المرافق العامة لانه سوف يأتي يوم ونكون فيه محاسبين من قبل الجيل الذي يأتي بعدنا ويكرر نفس السؤال الذي نطرحه اليوم وهو " من المسؤول عن هذا ؟؟!! " .
أفلاطوون