ا الوفاة بسبب التلوث !!!
لقد أدرك المراقبين البيئيين في الفترة الماضية وركزوا على قضية التلوث بكافة أشكاله وأنواعه وخصوصا التلويث الصناعي وما يصاحبه من مخرجات سلبية على صحة الإنسان والبيئة من حوله . ولقد تبارى الكثير من هؤلاء في وصف العلاقة العدائية ما بين صحة الإنسان والتلويث الصناعي ووصفوها بالعلاقة " السحيمية " أي العلاقة السوداء ، ولكن بعض المراقبين البيئيين ومن أمثالهم هولستر وبروتوز ركزوا في هذه العلاقة على الملوث " العنصر " الذي يؤدي إلى التلوث حيث وصفوه بأنه أي مادة أو أثر يؤدي إلى تغير في معدل نمو الأنواع البيئية ويتعارض مع سلسلة الطعام بإدخال سموم فيها أو يتعارض مع الصحة أو الراحة أو مع قيم المجتمع .
وما يثير الانتباه هنا هو عندما تناقلت إحدى وكالات الأنباء نبأ وفاة شاب عربي في احدى الدول العربية نتيجة شربه مياه مما أدى إلى وفاته مباشرة لان هذه المياه تحمل مواد كيميائية وإشعاعية سامة . ولقد أثارت هذه الحادثة حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في تلك المدينة مما أنبرى عدد من الصحفيين والبيئيين إلى تجميع ملف كامل عن حالات التلوث في مناطق ومدن هذه الدولة ، وتم اكتشاف وجود الكثير من المغالطات البيئية والكثير من التجاوزات التشريعية التي كانت تخفى في الأدراج أهمها انه تم تسجيل نحو خمسة آلاف حالة وفاة خلال 2005م بسبب ازدياد غاز ثاني أكسيد الكربون في الهواء ، وان حوالي( 555 م2 ) من الصرف الصناعي الملوث تصب في إحدى أنهار هذه الدولة سنويا وغيرها من التجاوزات والملوثات البيئية التي تنادي بإيجاد الحلول السريعة لها ولكن بدون جدوى .
هذه هي إحدى الصفحات البيضاء في الدول العربية التي انتهكت بسبب التلوث الصناعي ، فما بالك بالصفحات الأخرى التي تنهك يوميا بسبب التلوث الكيميائي والتلوث الإشعاعي والتلوث النووي والتلوث البيولوجي والتلوث الحربي ...إلخ والتي تنتهك يوميا في غموض تام لا نعرف مداه المستقبلي إلى أين سوف يذهب أو ينتهي . فهل ينبغي لنا أن لا نبحث ونفتح صفحات التلوث البيئي في دولنا العربية غلا إذا حدثت وفيات وتناقلتها وسائل الإعلام المختلفة وخفنا أن ننكشف ونتفضح أمام الآخرين . كما هل ينبغي لنا أن نتستر على مغالطات بيئية سلبية تحدث يوميا في بلداننا وتؤدي إلى الأضرار بصحة الإنسان من أجل المال والسلطة . ولكن على الرغم من هذا التستر سوف يأتي يوم وينكشف الأمر وتفتح الصفحات لتتكلم عن نفسها طالبة الحلول السريعة والعدل والمساواة في المسائل والتشريعات البيئية .
فكثير من الدراسات والبحوث العلمية أثبتت العلاقة بين التلوث والأمراض المزمنة مثل السرطان والربو والسعال والتشوهات الخلقية والجينية وقد كان أخرها دراسة علمية أجرتها جامعة تكساس الأمريكية أفادت بوجود صلة كبيرة بين إصابة الأطفال بمرض سرطان الدم في ولاية تكساس والحياة قرب مصفاة النفط وميناء هيوستون للسفن ، وكذلك الدراسة التي أجرتها مؤسسة أوروبية متخصصة في 26 مدينة أوروبية والتي ترى انه بانخفاض التلوث سوف يسمح بتفادي 22 ألف حالة وفاة في هذه المدن ، وغيرها من الدراسات العلمية في هذا المجال والتي تؤكد الأضرار الخطيرة لصحة الإنسان وعلاقته بالتلوث الصناعي . وهنا نريد أن نضع النقاط على الحروف قبل أن يصبح عنوان " الوفاة بسبب التلوث " هو الخبر الرئيسي لوكالات الأنباء ووسائل الإعلام . فحري على الدول العربية أن تبادر في التشديد والرقابة على التشريعات البيئية في دولها ، وان تضع لجان متخصصة لدراسة الأوضاع البيئية في كل المناطق حتى يتسنى لها إيجاد الخلل البيئي ومحاولة وضع الحلول المناسبة له قبل أن يستفحل الأمر وينتج عنه عواقب وخيمة ، كما يجب أن تتوافق التشريعات البيئية في الدول العربية مع التطورات التكنولوجية الحديثة التي يمر بها العالم اليوم لتواكب التوافق بين التنمية الصناعية والتكنولوجية وبين الحفاظ على صحة الإنسان والبيئة التي يعيش فيها .
أفلاطون [center][url][/url]
- الكود:
-