تزخر «مسندم» بالعديد من المقومات السياحية لزوارها
«نرويج الشرق الأوسط»
مسندم... طبيعة خلابة بخلجانها وجبالها
مسقط ـ العرب أونلاين:
تقع محافظة مسندم العمانية على مضيق هرمز مما ي**بها أهمية استراتيجية كونها تلعب دورا كبيرا فى تنظيم أحد أهم خطوط الملاحة البحرية فى العالم.
وتغطى مسندم ما يقارب 3000 كم من المساحة الاجمالية لسلطنة عمان، ويبلغ عدد سكان محافظة مسندم ما يقارب 30 ألف نسمة، ويقطن معظم السكان فى العاصمة الادارية للمحافظة خصب.
وتزخر "مسندم" بالعديد من المقومات السياحية لزوارها والمحبين للمغامرة والتخييم فى العديد من المواقع الجبلية والشطآن الخلابة. ويضفى ركوب القوارب والسفن التقليدية متعة لا توصف، فيما يمكن لهواة الغوص فى الشواطىء المرجانية الجميلة الاستمتاع بهواياتهم. بالاضافة الى ذلك يوجد هناك العديد من الآثار القديمة والمواقع الأثرية للحضارات القديمة التى قامت فى المنطقة وتتمثل هذه الآثار فى المقابر والرسوم البدائية على الصخور.
كما يتبع هذه المحافظة بالاضافة الى ولاية خصب كل من ولاية بخاء ودباء البيعة ومدحاء حيث تتباين كل من هذه الولايات فى تكويناتها الجغرافية ومواقعها الطبيعية المختلفة. ومدحاء هى الولاية الوحيدة بمحافظة مسندم التى تعتمد على نظام الأفلاج فى الري.
تمتد سلسلة جبال الحجر البالغ طولها حوالى 640 كم من رأس الحد فى الجنوب إلى مسندم فى الشمال، وتنتهى هذه السلسلة عند رؤوس الجبال والتى تتداخل مع البحر، وتشكل الجبال الجزء الأكبر من محافظة مسندم فيما تعتبر قمة جبل حارم التى يبلغ ارتفاعها 2087 متراً تقريباً أعلى قمة فى محافظة مسندم.
ويوجد عبر هذه السلسلة الجبلية طريق منحدر يمتد بشكل متعرج بين الجبال الشاهقة ويصل الأودية. كما تمتاز هذه المحافظة بشواطئها الصخرية التى تتداخل مع البحر مشكلة أخواراً ذات مناظر رائعة الجمال، بينما تجد على ضفاف الوديان المتعرجة قرى صغيرة مأهولة يمكن الوصول إليها عن طريق البحر فقط مثل ليما وبيروت وكمزار.
وقد ساهم موقع مسندم الجغرافى وتضاريسها الصعبة فى عزلتها عن بقية المناطق حتى تم فيها تشييد الطرق الممهدة والمعبدة والتى ساعدت على تسهيل وصول الزائرين اليها. وقد جعلت الطبيعة القاسية والحياة الجبلية لمحافظة مسندم من سكانها أناساً ذوى درجة عالية من البراعة فى العيش رغم قسوة الطبيعة.
وتجد هؤلاء السكان وخصوصاً الذين يقطنون المناطق الجبلية ينتقلون فى الصيف الى السهول لحصاد التمور وصيد الأسماك.
تعتبر "خصب" المدينة الرئيسية لمحافظة مسندم، وهى تقع فى أقصى شمال سلطنة عمان، ويفصل بين خصب وبقية السلطنة الساحل الشرقى لدولة الامارات العربية المتحدة.
وتتسم هذه الولاية بطبيعة جميلة كونها تقع وسط مناطق وعرة وتتجسد آيات الجمال الطبيعى فى تلالها العالية التى تتمركز بعضها وسط ممرات بحرية ضيقة. كما تتباهى ولاية خصب بروعة قراها وطرقها المثيرة المؤدية إلى قمم الجبال.
وترسم وعورة البرارى على ساحل محافظة مسندم والتلال المتمركزة وسط الممرات البحرية صورة طبيعية خلابة غاية فى الجمال، وتعتبر من المعالم التى تنفرد بها السلطنة.
تبعد المدينة مسافة 500 كيلومتر تقريباً عن مسقط. وان اردت الوصول اليها براً بواسطة السيارة يمكنك اتباع الطريق الساحلى من خلال ساحل الباطنة. وتستغرق الرحلة ست ساعات تقريباً.
كما يتخلل تلك الرحلة عبورك الى اراضى دولة الامارات العربية التحدة قبل ان تتمكن من وصول خصب. ويترتب على ذلك الحصول على اذن مرورى مسبق من شرطة عمان بالاضافة الى تأشيرات عبور "لبعض الجنسيات".
من ناحية اخرى يمكن الوصول الى خصب جواً من مسقط ويجدر بالذكر الاشارة الى أن الرحلات الجوية لا تتطلب الحصول على أى تأشيرات.
الرحلة بالطائرة من مدينة مسقط الى محافظة مسندم، والتى تدعى "نرويج الشرق الأوسط" نظراً لكثرة خلجانها البحرية مثلما هو الحال فى دولة النرويج شمالى أوروبا – هى رحلة مثيرة ويشاهد ركاب الطائرة من خلالها مناظر جوية مدهشة للمحافظة.
وترتفع الجبال فى هذه المنطقة الى 2000 متر عن سطح مياة الخليج العربى الذى يحيط بها وتنتشر الجبال بصورة هندسية مرتبة طبيعياً. أضف الى ذلك مزيج الحجارة التى تتكون منها الجبال لتبدو بمنظر فى منتهى الروعة. الوقت المثالى لزيارة خصب هو بين شهور نوفمبر-تشرين الثانى ومارس-آذار.
يعتبر الخنجر أكثر الأدوات شهرة عند الرجل العماني. أما الوضع فى خصب فيختلف قليلاً. فهناك أداة تفوق حيازة الخناجر شهرة هذه الأداة تسمى "الجرز" وهى عبارة عن رأس فأس صغيرة الحجم مثبت فى عصا طويلة. وتعتبر الجرز أداة فريدة بكل معنى الكلمة، فهى متواجدة فقط فى خصب، ولن تراها فى اى مكان آخر من السلطنة أو فى اى بلد آخر من العالم أو أى حقبة من التاريخ.
يشتهر الرجال فى منطقة مسندم بحملهم لأداة الجرز مثلما يشتهر الرجال فى أى مكان آخر من السلطنة بارتداء الخنجر.
واشتملت الاستعمالات التقليدية العديدة لأداة الجرز فى الماضى على قطع أخشاب الأشجار لاستخدامها فى المواقد.
كما تستخدم الجرز كمقبض عند تسلق الأشجار بالاضافة الى كونها عملية كعصا للمشى ووسيلة للارتكاز فى الوثب فوق الأحجار. وبالطبع كان الجرز سلاحاً فعالا لقتال حيوانات الوشق "من الحيوانات السنورية صغيرة الحجم" والقطط البرية المفترسة التى تهاجم فرائسها بغدر، والتى انتشرت فى المنطقة فى الماضي. ومن المكملات لأداة الجرز يحمل الرجال فى خصب سكيناً خاصة تسمى محلياً "بيشك".
وقد كادت حرفة صنع أدوات الجرز أن تتلاشى تماماً لولا إقدام وزارة السياحة على احياء هذا التراث عبر تشجيع بعض الحرفيين على صنع الجرز فى خصب وذلك لترضى محبى جمع التذكارات الراغبين فى اقتنائها. كما يمكن رؤية أنواع مختلفة من الجرز فى المتحف الذى تم تجهيزه فى حصن خصب.
توفر المياة الساحلية فى خصب بيئة ملائمة للعديد من الطيور البحرية والسلاحف والدلافين مما يجعلها نقطة مهمة فى قطاع سياحة الحياة البرية. كما تؤوى البحار هنا مجموعة من الثدييات البحرية منها الدلافين الحدباء والدلافين التقليدية والحيتان بالاضافة الى عدد كبير من بقر البحر.
كما تشكل المنحدرات الصخرية والخلجان المغلقة مصدراً آخراً لجذب السياح من محبى مشاهدة الطيور البحرية بأعدادها التى لا تحصى والتى تربى فى المنطقة بالاضافة الى مناطق الشعب المرجانية كاملة النمو المنتشرة هنا.
تعد "خصب" مكاناً مدهشاً لعشاق مشاهدة الطيور، وتعيش هنا أعداد كبيرة من الطيور مثل خطاف البحر والفاقة التى تهاجر من سوقطرة وتزور المنطقة خلال أشهر الصيف وتختار منحدرات معينة تجثم عليها على طول الساحل. أما طيور الرفراف الأوراسيوية فتوجد على شواطىء كثير من الممرات المائية خلال فصل الشتاء. وتعشش طيور السمانة فى الربيع على كثير من الجزر النائية والمنحدرات الساحلية، فيما تنتشر النسور على أغلب مساحة الشاطىء.
كما يمكن مشاهدة الصقور تجوب سماء خصب بين الحين والآخر ولكن بأعداد قليلة، بالاضافة الى الاقبال عليها لمناظرها الخلابة فإن السياح المغادرين لمدينة خصب يروجون لها على أنها مكان مثالى لعشاق رياضة الغطس.
وتوفر شركات السياحة رحلات الى الجبال ورحلات بحرية على قوارب البوم ورحلات داخل المدينة بالاضافة الى رحلات غطس المتمرسين فى هذه الرياضة وخاصة فى الطرف الشمالى لشبه الجزيرة. كما توفر رحلات الى أماكن ملائمة لمحبى الغطس من المبتدئين.
ومن الواضح أن الساحل الممتد لولاية "خصب" يؤهله لكى يكون مكاناً سياحياً واعداً فى الفترة المقبلة لا سيما فيما يتعلق بسياحة المناظر الطبيعية الخلابة. كما تمتلك خصب جميع المقومات اللازمة للسياحة البيئية نظراً لما تتميز به من خلجان واسعة وشعاب مرجانية وحياة برية غنية وسواحل رائعة.
يعتبر حصن "خصب" موقعا ساحرا يجذب عينى الزائر عند مروره عبر الطريق الساحلى فى الجزء القديم من المدينة، فهو يطل على الجانب الشرقى من ولاية "خصب". وقد بنى هذا الحصن على بقايا قلعة موغلة فى القدم قبل تعزيز بنائها من قبل البرتغاليين.
وقد قام الامام ناصر بن مرشد بطرد البرتغاليين من المدينة بعد أن عمل على توحيد البلاد خلال فترة إمامته "1624-1649"، وقام بعده الامام سلطان بن سيف اليغربى بترميم الحصن، فيما أولى سلاطين البوسعيد اهتماماً متزايداً بالحصن واستخدموه كبرج للمراقبة وكمنزل لعائلة الوالي.
ويرجع تاريخ الحصن الحالى الى ما يقارب من 250 عاماً. وقد تم ترميمه فى عام 1990. وعند دخولك الى الحصن ستجد بالبوابة الرئيسية ثلاثة مدافع صغيرة موجهة نحو البحر. وقد صنعت أبواب الحصن من خشب الساج الأصلى والجدران مزينة بالسيوف والبنادق القديمة مما يدفع الزائر الى تأمل حضارة عريقة.
وقد قامت وزارة السياحة فى الربع الأول من عام 2007 بافتتاح مشروع تطوير هذا الحصن، وقد ضم مشروع التطوير جوانب أهمها تأهيل مبنى الحصن وتأهيل الطاقة الكهربائية وتوصيلاتها واستخدام أجهزة طرد الرطوبة من الصاروج والأرضيات، وتأهيل البرج الأوسط الكبير بالحصن ليكون متحفاً دائماً يعرض مختلف المشغولات اليدوية والعادات والتقاليد والفنون الشعبية بمحافظة مسندم وتأهيل المرافق السكنية الموجودة بالحصن وتحويلها الى معرض منزلى مؤثث بكافة ما يحتويه المنزل بمحافظة مسندم بما فى ذلك معرض للباس التقليدى بأنواعه مع الحلى التقليدية.
كما اشتمل المشروع على بناء نموذج لبيت القفل داخل فناء الحصن وعرض أنواع القوارب التى تشتهر بها محافظة مسندم، وكذلك بناء نموذج للعريش الكمزارى المعلق والتنور والرحى القديمة وإقامة محل لبيع التحف والهدايا والمشغولات اليدوية.
الأربعاء فبراير 20, 2008 9:26 pm
